جبل إتنا

14

إلى هؤلاء الذين يعشقون جزيرة صقلية في البحر الأبيض المتوسط والتي يحفها جبل إتنا، وهو البقية الباقية لتلك الحضارة القديمة في هذه المنطقة. إن قمته غير المتناسقة التي يغطيها الجليد طوال العام تظهر واضحة من الجزء الشرقي من الجزيرة وعلى مسافات بعيدة يمكن رؤيتها من جميع الاتجاهات.

إن قمته تناطح سحابة دائمة من الدخان، ويقع الجبل فوق فوهة بركانية. وقد حاول القدماء –  وخاصة الإغريق – تفسير الظواهر الغريبة التي تحدث في هذا الجبل، وأرجعوها إلى مجموعة من الأساطير والخرافات التي كانت سائدة في ذلك الوقت.

وفى العصر الحديثة تم بالبحث والتنقيب الكشف عن كثير من الأسرار الغامضة التي تحيط بالتصرفات البركانية لهذا الجبل. فمن المعروف الآن أن جبل إتنا تكون عندما ألقت الأرض بمكوناتها الداخلية في منطقة البحر الأبيض المتوسط حيث تكونت جزيرة (صقلية) نتيجة لهذا النشاط البركاني.

والآن ترتفع قمة الجبل (فوهة البركان) إلى مسافة 12598 قدماً (3840 متراً) ويتغير هذا الطول باستمرار كلما أضيفت إليه ترسيبات جديدة ثم تجرفها الرياح والأمطار وعوامل التعرية الأخرى.

وقد سجل التاريخ نحو 135 انفجاراً كان من أشدها تدميراً ذلك الذي حدث عام 1669 وقد أحدث صدعاً هائلاً في جانب الجبل وانساب منه نهر من الحمم البركانية المنصهرة إلى البحر، ودمر ميناء كاتانيا بالجنوب، وفى العصر الحديث ظهرت ثورانا عديدة كان من أسوئها ما حدث عام 1928 عندما حطمت الحمم البركانية مدينة ماسكالي.

وبين تلك الثورانات يخرج من هذه القمم وميض أحمر نحو السماء ويظهر واضحاً إثناء الليل، ويمثل ذلك رسالة تحذير بقرب ثوران جديد.

وهناك طريق يلتف حول الجبل البركاني يصل طوله 86 ميلاً (138 كيلومترا) يمتد من كاتانيا خلال قرى هادئة تكمن في المنحدرات السفلية الخصبة، وكل نقطة من هذه النقاط لها سحرها وجمالها الخاص. وتنتشر الأشجار والنخيل والخضرة على جانبي هذا الطريق، وخاصة أشجار الزيتون.

وأخر مرحلة للصعود إلى قمة الجبل والوصول لإلى فوهة البركان، أن جدرانها تسبح في أبخرة من الغازات الكبريتية.

إن الصعود إلى قمة الجبل الآن أقل خطورة من الأيام السابقة، بفضل التجهيزات التي تمت إقامتها لتسهيل الطريق أمام الزائرين وتوفير سبل الراحة والأمان لهم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.