سور الصين العظيم

عرف الصينيون الزراعة منذ ألاف السنين، واستقروا في جماعات شبه حضارية في ذلك الوقت، إلا أنه يهنأ لهم عيش ولم يستقر لهم حال بعد أن أصبحوا عرضة لغارات القبائل المغولية البربرية من جهة الشمال .

تلك القبائل التي كانت تجيد الصيد والقنص والقتل.

فكر فكر الصينيون فيما يحول بينهم وبين تلك القبائل المغيرة، واهتدوا إلى أن تبنى كل قرية سوراً خاصاً بها يحميها من تلك القارات.. كان ذلك فى القرن الرابع قبل الميلاد.

فى القرن الثالث قبل الميلاد قام الإمبراطور القوى شيا هوانج تى بتوحيد الصين، ولذلك أمر بأن تتصل جميع الأسوار المقامة حول القرى فى المنطقة الشمالية لتصبح سوراً واحداً، وهو سور الصين العظيم، وتقول المصادر: إن أكثر من 300000 عامل قاموا بناء السور على مدى عشر سنوات واستخدم لذلك الطمي والحجارة، وأن هذا البناء استنفد كل مواد الإمبراطور، وقد أجبر الإمبراطور العمال على العمل في ظروف شاقة وفرض عقوبات شديدة لإرغام الناس على بناء السور وترك أعمالهم وتشرد الكثير منهم، وأصابهم المرض والإجهاد ولقوا حتفهم أثناء العمل مما أدى إلى قيام أول انتفاضة في الصين بعد عام من وفاة هذا الإمبراطور المستبد، وقد اعتبرت الأجيال التالية هذا السور دليلاً على قسوة الحاكم واستبداده.

وجاءت أسرة هان الملكية بعد ذلك والتى أقامت سوراً جديداً ضعف طول السور القديم، بالإضافة إلى ترميم وتقوية السور القديم وأقامت كذلك أبراج المراقبة، وذلك بسبب زيادة هجمات قبائل الهون البدوية، وتم ربط السورين بعضهما ببعض، وهكذا كان السور العظيم خطا دفاعياً متكاملاً يضمن أمن البلاد وسلامتها، ولم تستطع قبائل الهون اختراقة!

وبعد أسرة “هان” الملكية حكم الصين الكثير من الأسر الملكية قصيرة المدى والتي أجهدت نفسها في صراعات داخلية، ولم يول أحد من الحكام اهتماماً تجاه إصلاح السور أو صيانته. وفي عام 1234 تعرضت الإمبراطورية الصينية لهجمات عنيفة من قوات جانكيز خان الذي وجه ضرباته إلى السور واستطاع أن يؤسس الملكية المنغولية، ولكن في عام 1368 استطاع منج أن يطرد المنغولين خارج حدود الصين، وفي عام 1420 أمر الإمبراطور “يانج لو” بإعادة بناء السور، والذي بلغ ارتفاعه 22-26 قدماً (6.7-8 أمتار) ويبلغ سمكه عند القاعدة 21 قدما (6.4 متر) ثم يقل السمك تدريجياً إلى أعلى حتى يصل عند قمته إلى 18 قدماً (5.5 متر)، وكانت معظم المواد المستخدمة في البناء تجلب من الموقع نفسه كالحجارة والخشب وأغصان الأشجار والرمال والتربة، وكان الحجر الواحد يزن عشرات الكيلوجرامات، وكانت أبراج المراقبة تبنى كل 590 قدماً (180 متراً) مربعة الشكل، وذات بوابات مقوسة، وفي الممرات المهمة خاصة شمال بكين، قد بنى السور على هيئة طبقتين أو ثلاث لتزداد بذلك قوته الدفاعية.

ويبلغ طول السور وتفرعاته 2486 ميلا (4000 كيلومتراً) ويحتوي على 47277956 قدماً مكعباً من الطمي (1338750 متراً مكعباً) و 15759318 قدما مكعبا (446250 متراً مكعباً) من الحجارة، ويعد سور الصين العظيم أضخم بناء صنعه الإنسان على مر العصور، وهو الأثر البشري الوحيد الذي يمكن رؤيته من الفضاء الخارجي، حيث يمتد من ساحل المحيط الهادي في الشرق وحتى منتصف دولة الصين الحالية في الغرب..

وإذا كانت وظيفة السور الأساسية هي الدفاع عن البلاد، إلا أنه كان سبباً مهما للاتصال بين الأماكن الجبلية، حيث كان ذلك من الصعوبة في مكان خاصة الحركة في هذه الأماكن.

إن قمة السور تستطيع أن تستوعب خمسة أو ستة أحصنة تسير جنباً إلى جنب. لقد ساعد وجود السور على تنمية اقتصاد المناطق المتاخمة للحدود حيث شجع الأهالي على العيش في تلك المناطق واستصلاح الأراضي البور، كما كان للسور دور هام في فتح طريق المواصلات بين الشرق والغرب ونمو التبادل التجاري الثقافي بين الصين وأسيا وأوربا.

إن الطريقة التي بني بها السور وكيفية ملاءمته لطبيعة الأرض تنبع من الاعتقاد الصيني بأن كل بناء من صنع الإنسان يجب أن يخضع لقوانين المكان الذى يبني فيه.

Comments (0)
Add Comment