فينيسيا

بنيت مدينة فينيسيا الإيطالية في البحر الأدرياتيكي على مسافة 2 ميل (4 كيلومترات) من الأراضي الشمالية الشرقية لإيطاليا، حيث تبدو متلألئة وقد أحاطها البحر واخترقها أيضاً. وتنفرد فنيسيا من بين مدن أوربا بموقعها البحري الفريد وثرواتها الفنية والمعمارية.

وتبدأ قصة فينيسيا فى القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد عندما فر سكان إيطاليا الأصليين أنان غزوات البربر إلى جزر البحر المستوية، حيث استقر بهم المقام وبدءوا في بناء المنازل على قواعد خشبية أحضروها معهم لهذا الغرض. وفينيسيا في البداية هي مقاطعة بيزنطية، النصف الشرقي من الإمبراطورية الرومانية القديمة، واتصلت عبر البحر مع تجار البحر المتوسط، وكونت ثروة قوية مكنتها من أن تعتمد على نفسها وتصبح جمهورية لها حكومة مستقلة.

لقد أصبحت فينيسيا أغنى مدن أوروبا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، ولكن الاكتشاف البرتغالي للمحيط الهندي حد من قوة فينيسيا التجارية حيث بدأت في الانحدار خلال القرن السادس عشر ولكن ما جلبته من ثروات خلال الفترة السابقة جعلها لا تزال تحتفظ بجمالها وبهجتها فلا تزال من أجمل المدن تجذب إليها أنظار كثير من السياح والشعراء والفنانيين والأدباء.

أما مركز المدينة وأكبر ميادينها فهو ميدان سان ماركو وبه كاتدرائية سانت مارك وهى من أجمل المباني كما وصفها جون روسكين : ( مجموعة من الاعمدة والقمام البيضاء تجمعت على شكل هرم منخفض، ثروة مكونة من الذهب والبورسلين والألماس وقد دفنت تحت خمس شرفات لها أسقف من الرخام نحوت صافية كالكهرمان ودقيقة كالعاج) وتعتبر هذه الكاتدرائية رمز لعصر فينيسيا الذهبي وقوة ثروتها آنذاك. وفي القرن التاسع أراد الفنيسيون أن يعلنوا استقلالهم عن بيزنطية بالتخلص من سان ثيودور وتنصيب سان مارك بدلاً منه، لذلك قاموا باختطاف رفات سان مارك من الإسكندرية وبنوا له كنيسة، لكن الكنيسة الأولى أحرقت ، أما الكنيسة الحالية فقد شيدت على النظام اليوناني بين عامي 1094،1063، ومنذ ذلك التاريخ وحتى القرن السادس عشر كان المبنى يزخر من الداخل والخارج بالكثير من المنحوتات الثرية، والرخام الفاخر، والغنائم التي أخذت في حروب فينيسيا المنتصرة.

أما برج الكنيسة فهو يقف منفصلاً عن المبنى، ومن هذا البرج قام جاليليو بوضع تلسكوبه ليدعو التجار ليشاهدوا سفنهم وهي عائدة من رحلاتهم البحرية. ثم يأتي قصر (دوج) في المرتبة الثانية من حيث الشهرة، وقد كانت عائلة (دوج) الحاكمة هى أغنى عائلات فنيسيا، وكانت تأخذ على عاتقها تجديد العلاقة بين فينيسيا والبحر الذي هو مصدر ثروتها. وقد بنى هذا القصر عام 814 واحترق فى نفس ميعاد احتراق كنيسة (سانت مارك)، والقصر مزين بالأقواس والتي تحمل البناء والحوائط، ويحتوي القصر على البلاط الملكى وقاعات المحاكم، وبه ثلاث قاعات لها سلالم مطعمة بالذهب لا تزال موجودة من القرن السادس عشر حتى الأن.

ومدينة فنيسيا أقل المدن تلوثاً بسبب عدم وجود سيارات بها وعلى قاطنيها أن يسيروا على الأقدام أو يركبوا القوارب أو الجندول (وهى زوارق خاصة فى فنيسيا)، ولكن البحر الذي طالما أثرى وأعطى الحماية لفينيسيا أصبح مصدر تهديد لها الأن، فالمدينة تغطس تدريجيا بمقدار 2 بوصة (5سم) كل قرن من الزمان، وأصبحت معرضة للفيضانات والتي كانت تتعرض لها عرضاً فقط، وتعرض جوها للتلوث بسبب المصانع القريبة والتي أتلفت الحجارة والرخام. وتبذل الأمم جهوداً من أجل الحفاظ على مدينة فينيسيا وطابعها الخاص، وذلك عن طريق إيجاد حلول للمشاكل التي تتعرض لها، مثل التلوث، والفيضانات، وذلك من أجل أن تعيد إليها رونقها وجمالها الذى طالما اتصفت به.

Comments (0)
Add Comment