قناة بنما

إن المسافر بالطائرة، عندما يلحق فوق جمهورية بنما يرى منظراً لا ينسى من خلال فتحات السحاب الذي يغطي المحيط الهادي والمحيط الأطلنطي في نفس الوقت، حيث يرى من خلال هذه السحب مجموعة من البحيرات والقنوات المائية الطويلة يتصل بعضها ببعض، مثل سلاسل الفضة عبر مضيق تحيط به مساحات من الخضرة، وهذه السلاسل المائية تسمى قناة بنما والتي تصل بين المحيطين.

ويبلغ طول القناة 51 ميلاً (82 كيلومترا). ولم يكن شق هذه القناة عملاً هندسياً بارعاً يسجله التاريخ فقط ولكنها كانت أيضاً تحقيقاً لحلم بدأ عندما أبحر كولمبس غرباً سعياً في أن يجد طريقاً جديداً إلى الهند. ولما أصبح واضحاً أن كولمبس لم يستطيع أن يكتشف طريقاً إلى جزر الهند كما كان يأمل، إلا أنه استمر في البحث عن طريق حولها، وحتى القرن العشرين لم تكن قناة بنما قد اكتشفت بعد، وبات واضحاً أن أفضل طريق هو حول رأس القرن، وفي القرن التاسع عشر وضحت تماماً فكرة شق قناة خلال الجبال الأمريكية مارة بهذا الطريق الضيق إلى المحيط الهادى، وكان سيمون بوليفار، يأمل في أن الحكومة الأمريكية سوف تتعاون في مشروع شق هذه القناة، وكذلك كان فرديناد ديليسبس – منشئ قناة السويس – يأمل في أن يعيد انتصاره في بنما بإشرافه على واحد من أكبر وأهم المشاريع التذكارية والتاريخية.

وأخيراً قام الرئيس (تيودور روزفلت) والذي رأى أهمية قناة بنما للولايات المتحدة- بتشجيع البنميين للانفصال عن كولومبيا، وإقامة دولة مستقلة لهم عام 1903، وبعد ذلك قام البنميون بإعطاء الأمريكين جميع الصلاحيات لبناء القناة، والتي تقطع الدولة الحديثة إلى جزئين.

وشقت قناة بنما بتكاليف تفوق 336.500.000 مليون دولار، ويبلغ عرضها 100 إلى 300 قدم (30.5-914 متراً )، وأقل عمق لها 40 قدماً (12.5 متراً)، وتجري القناة عبر برزخ من كولون على البحر الكاريبى إلى مدخل خليج بنما على المحيط الهادئ. وتبحر السفن عبر القناة من الأطلنطي إلى الهادي، حيث تسير السفينة مسافة 7 أميال (11كيلو) حتى تصل المرسى الخرساني المعد لها والذي يرفع السفينة 85 قدماً (26متراً) فوق مستوى البحر على ثلاث مراحل، إذ يوجد للقناه ثلاث مجموعات من الخزانات يسمى كل منها (هويس) يقوم برفع السفن أو خفضها من مستوى لأخر.. وقد بنيت هذه الهويسات في مجموعات زوجية لتسمح للسفن بالمرور في الاتجاهين في نفس الوقت .

لقد استطاعت قناة بنما أن تختصر المسافة بين نيويورك وسان فرانسيسكو إلى أقل من 5201 ميل (8370 كيلو متراً) بدلاً من 12987 ميلاً (20900 كيلو مترا) خلال رأس القرن.

ومما يميز قناة بنما أن المسافر خلالها يرى الشمس تشرق على المحيط الهادئ أكثر مما تشرق على المحيط الأطلنطى، ويرجع ذلك إلى اتجاه الأرض وأن مخرج القناة على المحيط الهادئ أكبر تجاه الشرق من المدخل على المحيط الأطلنطي بحوالى 27ميلاً (43.5 كيلومتراً)

Comments (0)
Add Comment